فأصلها كمال معنى الغاية وخلوصها لذلك بمعنى إلى، ولكن الفرق بينهما من وجوه:
أحدها- وهو أيسرها مأخذا- أن كلمة (حتى) تدخل في الغاية الوضعية لا في الجعلية، ونعني بالوضعية أن ينتهي بها الغيا أو ينتهي عندها، وعن هذا لا يقال: نمت البارحة حتى نصف الليل؛ لأن الليل لا ينتهي به ولا عنده، وكلمة إلى تدخل فيهما جميع كقوله تعالى:} ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إلَى اللَّيْلِ {وقوله:} وأَيْدِيَكُمْ إلَى المَرَافِقِ {فالأيدي لا تنتهي بالمرافق ولا عندها، وكذا صح فيها أن يقال: نمت البارحة إلى نصف الليل، وباقي الفروق مذكور في "الموصل" بعبارة تليق به.
وتقول: (أكلت السمكة حتى رأسها أو إلى رأسها، فإنه بقي)، اعلم أن المصنف- رحمه الله- بهذا التفسير بين خلوص معنى الغاية في حتى؛ لأن كلمة إلى خاصة في الغاية لا كلام فيها، فإنها لو ذكرت في هذا المقام بأن قيل: أكلت السمكة إلى رأسها كان معناها هكذا، وهو أن يقال: إن رأسها بقي، فلما جاءت حتى هاهنا في معنى إلى في حق بقاء الرأس علم أن حتى جاءت للغاية الخالصة، فإن حتى لو لم تكن خالصة للغاية ها هنا لجاءت على ما يقوله