الملك لنفسه بالنفي بقوله: "ما كانت لي قط" صار شاهدا على المقر له لما ذكرنا أن قوله: "ما كانت لي قط" يتضمن بطلان الإقرار؛ لأنه يتضمن بطلان القضاء للتناقض، وإقراره للمقر له إنما يصح على تقدير بقاء الملك له ببقاء القضاء له، فلما تضمن هذا بطلان القضاء له وبطلان الملك لنفسه لزم منه بطلان الإقرار له، وهو ضرر للمقر له، فلذلك كان بقوله: " ما كانت لي قط شاهدا" على المقر له، ومعنى قوله: إلا أنه بالإسناد صار شاهدا للمقر له هو أنه لما قال: "لكنها لفلان" أقر ببطلان القضاء أيضا للتناقض بدعواه لنفسه، ثم إقراره بها للغير وفي بطلان القضاء بطلان الإقرار له فكان شاهدا على المقر له إلا أن أول الكلام يتوقف على آخره، فصار هذا تمليكا مطلقا للمقر له بقوله: "لكنها لفلان" ونفيه الملك عن نفسه أولا لم يعمل في إبطال الإقرار لما ذكرنا أن النفي يؤخر والإقرار بها له يقدم؛ لأن مقصوده من ذلك صحة الإقرار للمقر له فيصح.
(وجعل لكن مبتدأ) وإنما تعرض بقوله: "لكن" لأن كون قوله: "لا أجيز النكاح" للفسخ إنما نشأ من ذكر قوله: "لكن"عقيبه. إلى هذا أشار في "شروح الجامع".
ألا ترى أنه لو قال: لا أجيز النكاح إلا بزيادة الخمسين أو حتى تزيدني خمسين درهما لا ينفسخ العقد بل يتوقف؛ لأن قوله: لا أجيز إلا بزيادة" استثناء بعد النفي فيكون إجازة لشرط الزيادة، ويصير قوله: "لا أجيز" عبارة عن الكف عن الإجازة لا عن الفسخ؛ لأن الكف عن الإجازة هو الذي