لقوله: "سهو" يعني أن المعاني لا تتعدد إلا عند اختلاف تلك المعاني كما في أفراد المشترك؛ وهذا لأن أفراد المعنى الواحد وإن كانت كثيرة لا تكون معاني، كالعلم مثلًا، فإنه معنى واحد هو كونه نافيًا للجهل، والظن، والشك عمن قام هو به، وهذا معنى واحد، وإن كان له أفراد من علم الكلام، والفقه، والنحو، وغيرها.
فإن قيل: لفظ العرض يتناول الحركة، والسكون، والبياض، والسواد، وغير ذلك، وإنها معان، فعلى هذا يصح قوله: "أو المعاني"، قلنا: لفظ العرض لا يتناولها باعتبار كونها معاني، بل باعتبار معنى واحد، وهو معنى العرضية؛ لأن في الكل معنى العرض قائم.
(وتأويله أن المعنى الواحد لما تعدد محالة سمى معاني مجازًا) باعتبار تعدد المحال، فكأنه أراد من المعاني محال المعاني بطريق المجاز، لما أن إطلاق اسم الحال على المحل جائز مجازًا، كما في قوله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ} أي خذوا ثيابكم، ففيه إطلاق اسم الحال على المحل؛ لأن محل الزينة الثوب كما جاز عكسه، وهو في قوله تعالى: {عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} أي عند كل صلاة، والمسجد محل الصلاة (لكن كان ينبغي أن يقول: والمعاني)؛ لأن المعاني حينئذ كانت معاني تلك الأسماء التي قال: ما ينتظم جمعًا من الأسماء".