فصار حاصل الكلام أن للتقديم فضلًا، ونقصانًا، وكذلك للتأخير فضل ونقصان، (فاستويا في طريق الرخصة) أي التقديم والتأخير كل منهما رخصة للمكلف، فيجب أن يكون كل منهما جائزًا، فرخصة التقديم ثابتة بالاتفاق فيجب أن تكون رخصة التأخير ثابتة؛ لأن الحكم إذا ثبت لأحد المتساويين يثبت للآخر ضرورة.

إذ لو يثبت لاختلفا حين استويا وهو محال، (بل هذا راجح)؛ لأن فيه شبه العزيمة؛ لأن العزيمة اقتران النية بالمنوي، وفيما ذكرنا بعض العزيمة موجود وهو اقتران النية بالمنوي، والمتقدم تمحض رخصة، وليس فيه شبه العزيمة لخلو جميع الصوم عن حقيقة النية، ومعنى الرخصة فيه هو بإقامة الأكثر مقام الكل، فكان في التقديم تمحض رخصة، وفي التأخير عمل بشيء من العزيمة، فكان هو أرجح.

فإن قيل: جعلت الدليل المجوز الذي هو دليل المساواة دليل الترجيح، وهذا لا يجوز؛ لأن أحد المتساويين لا يترجح على الآخر إلا بمرجح لا بنفسه.

قلنا: ليس كذلك؛ لأن دليل التسوية بينهما هو العجز؛ لأن العجز هو المجوز للتقديم والتأخير على ما ذكرنا، وأما ما ذكرنا من اقتران النية بالمنوي فشيء آخر سوى العجز فيثبت به الرجحان، ولئن سلمنا أن دليل الجواز فيهما هو المرجح لأحدهما. قلنا: يجوز ذلك إذا كان أحد الدليلين قويًا في ذاته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015