يعني إذا قدم النية على الصبح في صوم القضاء يجوز، وإذا أخرّ النية عن الصبح لا يجوز، وهذا بالإجماع، فينبغي أن يكون فيما نحن فيه أيضًا على وفاق ذلك أن قدم النية يجوز وإن أخرّها لا يجوز.

(وهذا الإمساك واحد غير متجزئ صحة وفسادًا). بدليل أن المفسدَ إذا وُجد في آخر جزء من النهار يشيع في الكل، ولأن الإمساكات وإن كانت كثيرة فهي بمنزلة إمساكة واحدة لدخولها تحت خطاب واحد، وهو قوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ}.

فإن الأشياء الكثيرة إذا دخلت تحت خطاب واحد كان الكل كشيء واحد، كما في قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} لّما ثبت بخطاب واحد جُعل جميع الأعضاء كعضو واحد في حكم جواز نقل البَلّة من عضو إلى عضو آخر، بخلاف أعضاء الوضوء، فإنما لَّما ثبتت بخطابات مختلفة جُعلت أشياءُ في قوله تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}.

فلم يجز نقل البلّة من عضو إلى عضو إلى آخر؛ وهذا لأن الألفاظ قوالب المعاني، ولا يُضرب لَبنان في ملبن واحد، ثم بالاتفاق لا يشترط اقتران النية بأداء جمعيه، فإنه لو لأغمي عليه بعد الشروع في الصوم تأدى صومه، ولا يشترط اقتران النية أيضًا بأول حال الأداء، فإنه لم قدم النية تأدى صومه وإن كان غافلًا عنه عند ابتداء الأداء بالنوم، وكان ذلك لدفع الحرج،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015