الصوم أيضًا غير مشروع في رمضان، فينبغي أن يتعين مطلق إمساكه لصوم رمضان على هذا التقدير.

قلت: نعم كذلك إلا أن الصوم عبادة، وتلك إنما تكون بأداء منه عن اختيار، فلا يتحقق ذلك بدون النية؛ لأن العدم ليس بشيء والعبادة شيء، فلا يصلح العدم أن يكون محققًا للوجود.

وقوله: (لأن عدم العزيمة ليس بشيء) هذا احتراز عن مسألة الزكاة فإن فيها لفظ الهبة وهو موجود، فيصلح أن يكون هو مجازًا عن الصدقة بدلالة أن المصروف إليه فقير، فكان المبتغي بها وجه الله تعالى دون العوض، وهو معنى الصدقة، فلذلك لم يتمكن من رجوع الهبة التي وهبها للفقير.

وكذلك لو وهب عشرة دراهم للفقيرين يجوز بالإجماع استعارة الهبة من الصدقة بخلاف ما نحن فيه، فإن فيه عدم العزيمة، والعدم لا يصلح أن يكون مستعارًا عن العزيمة بخلاف أجير الواحد؛ لأن المنافع وإن كانت مستحقة عليه فذلك لا يمنع وجوب الأجرة، ولا تقتضي نية وقوع منافعه عما استحق عليه؛ لأنه ليس بعبادة، والعبادة هي التي تفتقر إلى الاختيار، وأما الفعل المستحق من العبد، فقد يكون اختياريًا وقد يكون جبريًا، أما العبادة فلا تتحقق إلا بالاختيار فافترقا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015