للسببية بالقول وتعين هو بتعيينه على وجه لا يبقى الجزء الذي بعده سببًا للوجوب، كان هو شركة للشارع في وضع الأسباب.
وبهذا خرج الجواب عما ورد شبهة على هذا القول من خرج إلى السفر باختياره كان واضعًا لسبب قصر الصلاة وفطر الصوم، ولم يكن ذلك شركة في وضع السبب فكيف يكون هذا شركة؟
والجواب عنها أن المسافر باشر السفر بقصده واختياره، والشارع جعل السفر سببًا للقصر والفطر فلم يكن المسافر واضعًا لسبب القصر والفطر، فلا يكون شركة، فكان هو نظير من لبس الخف فإنه يترخص بالمسح عليه، فلا يكون هو واضعًا سبب رخصة المسح بقصده؛ لأن قصده لبس الخف لا وضع سبب الرخصة. بل الشارع هو الذي وضع سببها، فكذا هنا.
(وإنما على العبد أن يرتفق بما هو حقه) أي للعبد أن ينظر إلى رفقه، فإن كان في أول الوقت، بأن كان له شغل في آخر الوقت يصلي في أول الوقت ويتعين للسببية أول الوقت حكمًا ضمنًا لفعله وطلب رفقه، وإن كان رفقه في الجزء الثاني من الوقت إلى الآخر فكذلكن وإن كان رفقه في آخر الوقت بأن كان له شغل في أول الوقت فصلى في أخر الوقت، ويتعين آخر الوقت للسببية ضمنًا لفعله إذ له الاختيار الضروري، وأما الاختيار الكلي فـ لله تعالى وحده: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ}.