قوله: حتى تعين الأداء لازمًا استقرت السببية؛ وليس كذلك بل ذلك إنما يصح على قول زفر، وأما عندنا فالسببية تنتقل من الجزء إلى الجزء بعد تعين الأداء بطريق اللزوم، فإن الأداء يتعين لازمًا في الوقت الذي لا يسع فيه إلا أربع ركعات لكي يقع ما أداه من صلاته أداءً لا قضاء حتى لو تكره باختياره يأثم، ومع ذلك انتقال السببية ثابت، حتى وإن فرض المقيم بالسفر يتغير من الأربع إلى الركعتين، وإن كان سفره بعد تعين الأداء، وقد ذكرت أن التغيير إنما كان عند قيام السببية، ثم كيف قال باستقرار السببية لذلك الوقت؟

قلت: معنى قوله "استقرت السببية" أي استقرت السببية في حق لزوم الأداء وفوت اختيار التأخير لا في حق انتقال السببية من الجزء إلى الجزء، وهذا لأن المكلف لما كان عاقلًا بالغًا مسلمًا كان الظاهر من حاله أنه يشرع في الأداء كي لا يقع في إثم التأخير، فكان هو معتقدًا لاستقرار السببية في حقه على وجه لا يجوز التأخير عنه.

فإن قلت: ما الفرق بين ما إذا فاتته صلاة في المرض الذي يعجز فيه عن الركوع والسجود، ثم يقضيها في الصحة كان الواجب عليه قضاؤها قائمًا بالركوع والسجود، ولو فاتته صلاة في الصحة ثم يقضيها في المرض الذي لا يقدر على الركوع والسجود يقضيها بالإيماء حيث يعتبر فيهما حال القضاء لا حال الأداء الذي فاتت الصلاة عن وقتها، وبين هذه المسألة التي نحن فيها وهي ما إذا فاتت الصلاة عن المسافر أو عن المقيم حيث يعتبر فيهما حال الأداء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015