القدرة على أداء جزء واحد لا تفتقر إلى وجود أجزاء أخرى في الابتداء؛ لأنه لو أوجب الخارج كله لكان المخاطبُ متمكنًا من أدائه ولم يوجب على ذلك الوجه, بل أوجب الجزء الواحد من الأجزاء العشرة, فكان الإيجاب بهذا الطريق كان بالقدرة الميسرة لا بالمكنة.

فإن قيل: العُشر لا يتحقق بدون قيام تسعة الأعشار, فكيف قال: إن أداءَ العشر يستغنى عن قيام تسعة الأعشار؟

قلنا: المراد منه أن القدرة على أداء القليل تستغني عن قيام الكثير إلا أن الكثير قُدِّر بتسعة الأعشار؛ لأن الواجبَ عليه إعطاءّ بعض الخارج, ثم ذلك البعض قُدِّر بالعُشر.

(فشرط قيامه) أي قيام الخارج وهو وجودُه, فإن العشر إنما يجيب إذا وُجد الخارج من الأرض حقيقة.

(وكذلك الخراج) أي هو واجب أيضًا بالقدرة الميسرة كالعشر.

ألا ترى أن الخارجَ إذا لم يُسَلَّم لصاحب الأرض لا يجب الخراج كالعشر مع وجود السبب فيهما وهو الأرض. غيرَ أن الخارجَ تارة يكون بطريق التحقيق وهذا لا يشكل, وتارة يكون بطريق التقدير إذا كان متمكنًا من الزراعة, ولم يَزرع يُجعل الخارجُ سالّما لربِّ الأرضِ تقديرًا حكمًا لتقصيره, ولا يمكن هذا التقدير في العشر لكون الواجب من جزء الخارج فإذا لم يكن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015