النصاب. إذًا الإغناء من غير الغني لا يتصور كالتعليم من غير العالم، فكان قدر النصاب للإغناء قدرة على هذا الوجه إذ لم يتصور الإغناء ممن يملك شرعا لما لم يتصور وجوب أداء الصلاة بدون القدرة الممكنة، فلذلك لم يشترط دوام النصاب لدوام وجوب الزكاة (لما كان أمرا زائدا على الأهلية الأصلية)، فالأهلية الأصلية لوجوب العبادات: الإسلام والبلوغ عن عقل وزيد على ذلك في الزكاة الغنى، فصار الغنى لوجوب الزكاة شرطا أيضا كالإسلام والبلوغ والعقل لما أن المزيد إنما يكون من جنس المزيد عليه، فلما كان المزيد عليه شرطا للوجوب كان المزيد أيضا شرطا له، أو نقول:: إن الغنى الذي الذي يحصل بملك النصاب لما كان من قبيل القدرة الممكنة في الزكاة كان ذلك بمنزلة القدرة الممكنة في الصلاة، وتلك القدرة في الصلاة شرط وجود الصلاة على العبد، فكذا هذه القدرة كانت شرط وجوب الزكاة على العبد؛ لأن كلا منهما زائد على الأهلية الأصلية التي تحصل بالإسلام والبلوغ عن عقل، وقد ذكرنا أن الذي وجب بشرط شيء ابتداء يبقى واجبا بدون ذلك الشرط كما في القدرة الممكنة في الصلاة، فلذلك بقي وجوب الزكاة وإن لم يبق النصاب كاملا.

فإن قيل: هذا الذي ذكرته يقتضي أن يبقى وجوب الزكاة بعد هلاك النصاب أيضا كما هو الحكم في القدرة الممكنة كذلك، والحكم بخلافه هاهنا.

قلنا: إنما يلزم هذا الإشكال علينا أن لو شرطنا بقاءه باعتبار القدرة الممكنة، وإنما شرطنا بقاءه باعتبار قيام صفة النماء وهي القدرة الميسرة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015