الدار خلف عن المنافع في حق صحة العقد فكان المعقود عليه موجودًا وقت العقد، ولهذا إذا وجدت المنفعة انتقلت الإضافة إليها كالانتقال من الخلف إلى الأصل، ولا يلزم أنها تقومت في باب العقود وليس إلى التقوم حاجة إذ الاستبدال صحيح من غير التقوم. يعني لو قال الخصم: إن المنافع متقومة قبل ورود العقد عليها لا أنها لم تكن متقومة فتقومت في باب العقود بطريق الحاجة والضرورة؛ لأنه لا ضرورة في جعلها متقومة لتصحيح الاستبدال منها؛ لأن الاستبدال صحيح من غير التقوم كبدل الخلع وكبدل العين التي أعماها وغير ذلك، وحيث تقومت في باب العقود بالإجماع علم أنها متقومة من غير ورود العقد عليها؛ لأن ما ليس بمال لا يصير مالًا بورود العقد عليه كالخمر والخنزير والميتة والدم.
فالجواب عنه: أنها صارت متقومة في باب العقود لا في غيره؛ لان تقوم الأشياء إنما يكون بالإحراز بعد الوجود، والإحراز يفتقر إلى البقاء، ولا بقاء للمنافع فلا يثبت التقوم، وإنما ثبت التقوم لها في باب العقود بخلاف القياس عند التراضي، وليس في الغصب تراض فلا يثبت التقوم، ولا يلزم علينا الاستبدال في الخلع مع عدم التقوم؛ لأن ذلك ثابت بالنص بخلاف القياس أيضًا عند التراضي بخلاف الغصب، وكذلك لا يلزم علينا أروش الأطراف وديات النفوس؛ لأن الآدمي مكرم مصون في نفسه وأطرافه، فكان ذلك