(إنما شرع احتياطًا) أي واجب احتياطًا (فلم يستقم صرفها إلى ما عليه) يعني أن قراءة الفاتحة في الأخريين واجبة عليه أداء. هذا على رواية الحسن عن أبي حنيفة- رحمه الله-فلم يمكن صرف ما عليه إلى ما عليه. بخلاف قراءة السورة؛ لأنها ليست هي عليه فيصح قضاؤها في محل شبهة الأداء.
وذكر المصنف- رحمه الله- في ((شرح الجامع الصغير)) روى الحسن عن أبي حنيفة- رحمه الله- أن قراءة فاتحة الكتاب في الأخريين واجبة، حتى أنه لو تركها ساهيًا يلزمه سجود السهو فلم يملك صرفها إلى ما عليه، وإنما يملك صرف ما له إلى ما عليه. وكذلك على ظاهر الرواية لا تقضى الفاتحة أيضًا، فإن قراءة الفاتحة إنما وجبت علينا بخبر الواحد، وما وجبت إلا بصفة ترتيب السورة عليها. ألا ترى أن من نسي الفاتحة فذكرها قبل الركوع أنه يقرؤها ويعيد السورة، فإذا انتقل إلى السجود فقد تم الانتقال وفات المشروع بخبر الواحد، والثابت بخبر الواحد ثابت عملًا، فإذا تعذر عمله على ما شرع سقط العمل. فأما السورة فإنما شرعت مرتبة على الفاتحة، وقد قدر على ذلك؛ لأن المتراخي مرتب لا محالة فلم تسقط عنه.