يسأل ويقول: ما فائدة بيان أحكام القضاء الذي هو غير معقول؟
فقال في جوابه: فائدته بيان انحصار الحكم فيما ورد الشرع به ولا تجوز تعدية حكمه إلى غيره؛ لأن من شرط التعدية أن يكون المنصوص عليه معقول المعنى، فإذا ورد حكم النص غير معقول المعنى لم يكن له مثل في موضع آخر حتى تعدى الحكم منه غليه، ولهذا قلنا: إن ما يعقل مثله يسقط؛ لأن الواجب إذا فات عن البعد وليس له مثل لا يمكن تداركه يسقط عنه من غير ضمان؛ لأن الشيء إنما يضمن المثل إما صورة أو معنى، ولما لم يكن للفائت مثل لا صورة ولا معنى يسقط عن العبد إلا بالإثم إن كان عامدًا، وهذا لأنه لما لم يكن له مثل معقول ولم يرد فيه نص بشريعة القضاء يسقط لا محالة.
والدليل على هذا الذي ذكرته ما ذكره شمي الأئمة السرسخي- رحمه الله- هذه المسألة بهذا الطريق، فقل: لا مماثلة بين الصوم والفدية صورة ولا معنى، وكذلك لا مماثلة بين دفع المال إلى من ينفق على نفسه في طريق الحج وبين مباشرة أداء الحج، وما يكون بهذه الصفة لا يتأتى تعدية الحكم فيه إلى الفروع فيقتصر على مورد النص، ثم قال: ولهذا قلنا: إن النقصان الذي يتمكن في الصلاة بترك الاعتدال في الأركان لا يضمن بشيء سوى الإثم؛ لأنه ليس لذلك الوصف منفردًا عن الأصل مثل صورة ولا معنى.
وإنما قلنا: إن النقصان الذي يحصل بسبب عدم تعديل الأركان ليس له مثل جابر يجبر ذلك النقصان، فإنه بعد فراغه من الصلاة لو أتى بتعديل