أدى ما عليه من الدين، فإذا قرنه بالدين علم أن المراد منه القضاء، لضرورة أن أداء الدين بحقيقته لا يتصور، لأن الأداء: اسم لتسليم نفس الواجب، والدين وصف في الذمة يظهر أثره عند المطالبة، وما أداه المديون عين وليس بوصف، فلم يكن ما سلمه عين ما هو في ذمته.

فعلم بهذا أن الأداء الذي استعمل فيه لم يكن علي حقيقته، بل كان هو بمعني القضاء الذي هو اسم لتسليم مثل الواجب، علي معني أن المديون لما سلم الدراهم إلي ري الدين وجب في ذمته دين للمديون بسبب أخذه الدراهم من المديون، ثم التقي ما في ذمة المديون، ثم التقي ما في ذمة المديون الأول وما في ذمة المديون الثاني وهو رب الدين قصاصًا لعدم الفائدة في الأخذ ثم التسليم ثانيًا، فكان هو تسليم مثل الواجب بهذا الطريق لا محالة فكان قضاء بحقيقته. إلا إنه استعمل الأداء مجازًا لالتقائهما في معني إسقاط الواجب؛ لأن كلا من القضاء والأداء متضمن إسقاط الواجب من الذمة، وعن هذا قالوا: إن آخر الدينين يكون قضاء عن الأول.

وأما إذا لم يصرح بقران الدين عن استعمال الأداء يحمل الأداء حينئذ علي حقيقته وهي تسليم نفس الواجب، كما لو قيل: أدي ما عليه من وجوب الصلاة والصوم. يراد به أنه أداهما في وقتهما، وكذلك في أداء الأمانات والغصوب يحمل الأداء على حقيقته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015