{إنَّ اللهَ يَامُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَات}؛لأن أداء الأمانة لا يقع لا علي عين الشيء ونفياه لا علي مثله، فلذلك استعمل لفظ الأداء في حق الأمانة.

ولهذا ذكر الأمم شمس الأئمة السرخسي- رحمه الله- هذه الآية متصلًا بما ذكره من تفسير الأداء، وذكر في "التقويم" وأنه في تسليم أعيانها إلي أربابها ولا قضاء الأمانات.

ثم لما أدي الواجب في وقته من الصلاة سمي أداء، فأعطي للواجب الذي في ذمة المكلف حكم العين كما في أداء عين الأمانة؛ إما لأنه ليس في وسع المكلف عند شدة رعايته في تسليم عين الواجب إلا هذا، فلما أداه في وقته كان مراعيًا حقه بأقصى رعايته في تسليم الواجب فكان أداء، أو لما سمي الله تعالى للذي أوجَب علي الآدميين أمانة في قوله تعالى: {إنَّا عَرَضَنْاَ الأَمَاَنَةَ عَلَي السَّمَوَات وًالأَرْضِ وَاَلْجبِالِ فَأَبيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنسَانُ} كان تسليمه لشدة الرعاية الذي هو أداؤه في الوقت بمنزلة تسليم عين الأمانة فكان أداء، وإذا قصر في رعاية كمال التسليم حتى فات الوقت كان بمنزلة الخيانة في الأمانة فكان قضاءً؛ لأنه إذا خان في الأمانة يجب الضمان، وأداء الضمان إنما يكون قضاءً حقيقة لا أداء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015