إنما ينشأ عن عزيمة قلبه فكان الإثم بمقابلة عزيمة قلبه عند اتصال الفعل بها وهو في ذلك لا يصلح آلة لغيرة؛ لأن ذلك ليس بأمر حسي حتى يتصور أن يكون الفاعل فيه آلة لغيره كما في الإتلاف.
وكذلك قوله: (ولهذا قلنا في المكره على البيع والتسليم) إيضاح لذلك أيضًا، وهو أن المكره على البيع والتسليم لما لم يصلح آلة للمكره في حق التسليم اقتصر التسليم على المكره المأمور، وإن كان التسليم فعلًا حسيًا كما في الإتلاف؛ لأنا لو جعلنا المكره المأمور آلة للمكره في حق التسليم صار اآمر كأنه قبض من المالك بغير رضاه وسلمه إلى المشتري، فحينئذ يكون هذا غصبًا محضًا لا إكراهًا على البيع وحكم الغضب غير حكم البيع.
وقوله: (لتبدل المحل) إلى محل الإكراه، فإنه إنما أكرهه على البيع على أن يتصرف المالك في مال نفسه بالبيع ولو جعل آلة يكون بيعًا في المغصوب، وفي لفظ البيع أيضًا لا يصلح المكره آلة للمكرة الآمر؛ لأن البيع يحصل بالتكلم والمكره لا يصلح آلة للمكره الآمر في حق التكلم، فكذا فيما يتم به البيع وهو التسليم لا ينقل إلى المكره من حيث إنه إتمام البيع.
(وإذا ثبت أنه أمر حكمي صرنا إليه استقام ذلك) فقوله: "استقام" ذلك جزاء الشرط، وقوله: "صرنا إليه" صفة بعد صفة لقوله: "أمر" أي وإذا