(والبياعات تخالف التبرعات) , هذا وجوب عن قياس الشافعي فإنه يقول: النقود تتعين في عقود المعاوضات, لأنها تتعين في التبرعات كالهبة والصدقة فتتعين في المعاوضات بمنزلة الحنطة وسائر السلع.
قلنا: هذا التعليل فاسد وضعا, فإن التبرعات مشروعة في الأصل للإيثار بالعين لا لايجاب شيء منها في الذمة, والمعاوضات لإيجاب البدل منها في الذمة إبتداء.
ألا ترى أن البيع في العرف إنما يكون بثمن يجب في الذمة ابتداء فكان اعتبار ما هو مشروع للإلزام في الذمة ابتداء بما هو مشروع في الأعيان لنقل الملك واليد من شخص إلى شخص في حكم التعيين فاسدًا في الوضع, وقوله: (هذه للإيثار) أي التبرعات لإيثار المتبرع به وهو عين على المتبرع عليه, فاقتضى ذلك تعين المتبرع به لا محالة.
(وهذه لالتزام الديون) أي البياعات شرعت في أصلها لالتزام الديون في الذمة.