قلت: بل فيه مناسبة قوية، وهي أنهما يثبتان بهذا أن شرط الدخول في الزوج الثاني لإثبات الحل للأول لم يثبت أصلا بالكتاب لا أصله ولا صفته، وإنما المذكور في الكتاب النكاح لا غير، والمراد به العقد هاهنا لا الوطء، فكان الكتاب غير متعرض للوطء أصلًا، وشرط الوطء إنما ثبت بالسنن والأحاديث، ثم أينما ثبت شرط الدخول في السنة ثبت بوصف التحليل، وهم (أي محمد والشافعي ومن تابعهما) تركوا العمل بذلك الوصف الذي أثبتته السنة المشهورة، ونحن عملنا بذلك مع جعل الزوج الثاني غاية، فإن من الغايات قد تكون غاية للمغيا مع أنها تثبت حكمًا آخر، كما في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا) فالاغتسال هاهنا منه للجنابة ومثبت لحل القربان إلى الصلاة، فكذلك هاهنا أن الزوج الثاني إذا وطئ كان منهيًا للحرمة الغليظة ومثبتًا للحل الجديد في حق الزوج الأول، ولما ثبت كونه مثبتًا للحل الجديد يثبت علمه أينما وجد شرعًا، فلذلك أثبت الحل الجديد فيما جون الثلاث أيضًا؛ لأن وطء الزوج الثاني موصوف بهذه الصفة، والصفة لا تفارق الموصوف، فأينما ثبت الموصوف ثبتت صفته.
والدليل على هذا الذي ذكرته بما ذكر المصنف من مطلع النكتة هذا بيان أن شرط الدخول لم يثبت بالكتاب أصلًا ما ذكره شمس الأئمة السرخسي- رحمه الله- في "أصول الفقه" بقوله: ولا خلاف بين العلماء أن الوطء من