وصارت العبرة لذواتها (وسقط اعتبار القيمة للجودة شرطًا لا علة) يعني أن شرط تحقق المساواة بينهما سقوط اعتبار القيمة؛ إذ مع اعتبار القيمة لا تتحقق المساواة، فإنه إذا باع قفيزًا جيدًا من حنطة بقفيز رديء من حنطة حتى يساوي هو قفيزًا جيدًا منها بذلك المضموم في القيمة، فحينئذ لا تبقى المساواة بينهما كيلًا.
علم بهذا أن سقوط اعتبار القيمة للجودة ليكون شرط تحقق المساواة لا أن يكون سقوط اعتبار الجودة علة تحقق المساواة؛ لأن سقوط اعتبار الجودة أمر عدمي وتحقق المساواة أمر وجودي، فيستحيل تحقق الأمر الوجودي من الأمر العدمي، فلذلك يصلح أن يكون تحقق المساواة أثر العدم بل علة تحقق المساواة القدر والجنس لا غير، وسقوط اعتبار الجودة شرط تحقق المساواة.
(صارت المماثلة ثابتة بهذين الوصفين) وهما القدر والجنس.
فإن قيل: وجوب التسوية حكم النص فكيف أضيف وجوب التسوية إلى القدر والجنس بل التسوية توجد بهما كما في أركان الصلاة؛ أن الصلاة توجد بالأركان المعهودة ولا يضاف وجوب الصلاة إلى أركانها بل يضاف إلى الوقت نفس وجوبها وإلى النص وجوب أدائها؟
قلنا: الشرع أثبت المساواة بقوله: "إلا سواء بسواء" والمساواة لا تثبت إلا بالقدر والجنس، فكان القدر والجنس مثبتين حكم الشرع ومحصلين له فأضيف الوجوب إليهما لكونهما آخر المدارين.