لأن القياسَ لا يوجب العلم قطعًا ليُجعل العقد أصلًا؛ بل جعل البدن أصلا في حق العمل، ويلزم منه عقد القلب ضرورةً لقوله تعالى: (ولا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) فكان اعتقادُ القلب بصحته لضرورة وجوب العمل على البدن، فلذلك قال: "وهو القلبُ بالعقد ضرورةً".

وقوله: (ولا بد من حكمٍ هو بمعنى القاضي وهو القلب)؛ لأن القلبَ يحكم بكون هذا الوصف مؤثرًا في هذا الحكم فيحكم بثبوت هذا الحكم عند وجود هذا الوصف.

فإن قيل: ذَكر قبيل هذا بقوله: "ولابد من مقضي عليه وهو القلب": فلما كان القلب مقضيًا عليه كيف يصلح أن يكون قاضيًا والقاضي لا يقضي على نفسه؟

قلنا: نعم ذلك من حيث القصد.

وأما من حيث الضمن فيصح؛ لأنه حينئذ كان المقصودُ بالقضاء غيرَه فيتعدى إلى القاضي أيضًا بطريقة العموم كالقاضي يقضى بثبوت الرمضانية فإنه إذا جاء واحدٌ عدلٌ يشهدُ برؤية هلال رمضانَ في يوم كان بالسماء علةٌ فالقاضي يقضى بصحة شهادته وثبوتُ رمضانَ على العموم فيجب عليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015