فإن قيل: قوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} والمراد به شهران وبعض الثالث وهو عشر ذي الحجة، فجاز أن يكون ها هنا هكذا أيضًا.

قلنا: لفظة الثلاثة غير منصوصة هناك، بل فيه ذكر الأشهر وهو ليس باسم لعدد معلوم بل هو اسم عام، فيجوز أن يذكر العالم ويراد به البعض، ولا يجوز في العدد ذلك وهو أن يذكر عدد معلوم ويراد به بعضه؛ رأيت رجالا، وهو قد رأى رجلين، ولا يجوز أن يقال: رأيت ثلاثة رجال، وهو رأى رجلين.

فإن قيل: مسمى ثلاثة أطهار موجود في القرأين وبعض الثالث.

قلنا: ليس المراد من قوله: {ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} مسمى الطهر، بل المراد منه كمال الطهر وهو ما كان بين الدمين؛ لأنه لو كان المراد منه مسمى ثلاثة أطهار يلزم أن تنقضي العدة في ظهر واحد، بل في ثلاثة أيام، بل في ثلاثة ساعات؛ لما أن في كل يوم وفي كل ساعة مسمى الطهر موجود بدليل جواز إطلاق الطهر عليه، وحيث لم تنقض به بالاتفاق علم أن المراد به الطهر الكامل على قول من جعله أطهارًا، وبعض الطهر لا يكون طهرًا كاملًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015