الاختصاص في المكان يقتضى أن يكون الرسولان في مكانين; لأن الاختصاص في المكان لكل واحد منهما إنما يكون في مكانين، فكذلك في الزمان أيضًا، ونظير رسولين بعثًا في زمان واحد من غير تبعية بينهما موسى وشعيب عليهما السلام، ونظيرهما بأن يكون أحدهما تبعًا للآخر موسى وهارون عليهما السلام، فإن النبي عليه السلام كان أصلًا في الشرائع وليس لأحد أن يقول: إن الانبياء كانوا قبله فكيف يكون هو أصلًا في شرائع النبيين قبله؟
لأنا نقول: لا يلزم من كونهم مقدمين كونهم أصلًا كالسنة قبل الظهر، فكان الأنبياء كلهم بمنزلة المؤسسين لقاعدته فكان هو أصلا في الشرائع.
(وكان وارثا لما مضى من محاسن الشريعة). قال الله تعالى: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ) والإرث يثبت ملكًا للوارث وهو بعينه كان ملكًا للمورث، فهذا يدل على أن شريعة من قبلنا تصير شريعة لرسولنا عليه السلام عملًا بقضية الإرث، فعلى هذا كان الرسول المتقدم بمنزلة واحد من أمة محمد عليه