المذكور صحيحًا كما كان قبل تصريح المقتضى، وهو صالح لما أريد به مع تصريح المقتضى، والمحذوف إذا صرح ينقطع ما أضيف إلى المذكور على ما ذكرنا.

فإن قيل: لما جمع المصنف- زحمة الله- هذه الألفاظ، وهي قوله: أن يصح به المذكور ولا يلغى عند ظهوره، ويصلح لما أريد به، وهذه قضيات متلازمة؛ إذ يستفاد من واحدة منها ما يستفاد من الأخريين؟

قلنا: لا نسلم؛ لأن لكل واحدة منها فائدة غير الفائدة التي من الأخرى، والتي استفيدت من إحداها لا تستفاد من الأخرى. بيان ذلك هو أن الشيء إذا كان صحيحًا في نفسه لا يلزم أن يكون صالحا لما أريد به لا محالة، بل قد لا يصلح لما أريد به وإن كان صحيحا في نفسه، وكذلك عكسه غير لازم أيضًا، أعني يجوز أن يكون الشيء صاللحًا لما أريد به، وهو غير صحيح في نفسه.

ألا ترى أن من صلى مراءاة للناس عند استجماع شرائط جواز الصلاة كانت صلاته صحيحة مع أنها غير صالحة لما أريد منها من الحكم، وهو ابتغاء مرضاة الله تعالى وثواب الخير في الآخرة، وكذلك في عكسه الملازمة غير ثابتة أيضًا، فإن من توضأ بماء نجس وهو لا يعلم بنجاسته مع أنه لم يقصر في الطلب وصلى كانت صلاته صالحة؛ لما أريد بها من ثواب الخير في الآخرة وصلاته غير صحيحة.

علم بهذا أن الصحة مع الصلاحية لما أريد به من الحكم غير متلازمين، ولأنه أراد بقوله: ويصلح لما أريد به. الملك؛ فإنه صالح للإعتاق بخلاف ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015