واجبًا من حيث الأصل، ولا يصح إبطال الأصل لتشابه في الوصف؛ لأن الوصف تبع فلا يصح إبطال الأصل لبطلان التبع، والقاطع للشغب ها هنا هو أن نقول: إن الأصل إذا ثبت بالدليل في الغائب لا يصح إبطال ذلك الأصل بسبب أوصاف لا يعقل وجود ذلك الأصل بدون تلك الأوصاف، وإن كنا لم نشاهد ذلك الأصل في الشاهد بدون تلك الأوصاف.
ألا ترى أنا لم نشاهد موجودًا ما إلا أن ذلك الموجود كان جوهرًا أو جسمًا أو عرضًا، ثم أجمعنا واتفقنا مع الخصوم في أن الله تعالى موجود وليس هو موصوف بواحدة من صفة الجوهرية والجسمية والعرضية، ولم يدل عدم هذه الصفات في حقه على ذاته مع أنا قطعنا على استحالة وجود شيء في الشاهد وهو غير موصوف بواحدة من هذه الصفات، فعلمنا أن أصل وجود الشيء إذا ثبت بالدليل في الغائب ثم امتنعت صفة وجود ذلك في حقه في الشاهد أن ذلك لا يدل على امتناع أصله في الغائب، فكذا فيما نحن فيه لما ثبت أصل جواز رؤية الله تعالى في دار الآخر بالدليل القطعي لا ينتفي ذلك الأصل بسبب أوصاف يستحيل وجود تلك الأوصاف في حق ذلك الأصل.
أو نقول: إن الرؤية تزيد الكشف في المعلوم، والله تعالى موصوف بكونه ظاهرًا، وثبت ظهوره لنا بالدلائل العقلية والسمعية، وثبت أيضًا بالآيات التي هي خارجة عن قوى البشر، كانشقاق القمر، وانفلاق البحر، وانقلاب العصا حية وغير ذلك، ولا شك في أنه بظهور هذه الآيات يزداد العلم بالله تعالى،