من يرد منكم أن يلقي الله تعالى شبهي عليه فيقتل وله الجنة، فقال رجال أنا، فألقى الله شبه عيسى عليه فقتل هو، ورفع عيس عليه السلام إلى السماء.
فإن قيل: هذا القول في نهاية منا لفساد؛ لأنه فيه قولًا بإبطال المعارف أصلًا وبتكذيب العيان، وإذا جوزتهم هذا فما يؤمنكم منه مثله فيما ينقل بالتواتر عن رسول الله عليه السلام أن السامعين إنما سمعوا ذلك من رجل كان عندهم أنه محمد، ولم يكن هو إنما ألقى الله شبهه على غيره، ومع هذا القول لا يتحقق الإيمان بالرسل عليهم السلام لمن يعاينهم لجواز أن يكون شبهة الرسل ملقى على غيرهم كيف والإيمان بالمسيح عليه السلام كان واجبًا عليهم في ذلك الوقت فمن ألقي عليه شبهة المسيح فقد كان الإيمان به واجبًا وفي هذا قول بأن الله تعالى أوجب على عباده الكفر بالحجة وهي المعجزة، فأي قول أقبح من هذا!
قلنا: ليس الأمر كما قلتم؛ فإن إلقاء شبهة المسيح عليه السلام على غيره غير مستبعد في القدرة ولا في الحكمة، بل فيه حكمة بالغة وهي دفع شر الأعداء عن المسيح، وقد كانوا عزموا على قتله، والذين قصده بالقتل فقد علم الله منهم أنهم لا يؤمنون به، فألقى شبهه على غيره على سبيل الاستدراج لهم ليزدادوا طغيانًا، ومثل ذلك لا يتوهم في حقل قم هم يأتون الرسل ليؤمنوا