وهذه كلمات موجزة في تراجم هؤلائ الائمة الاربعة، أحرص أن تكن من كلام البرهان نفسه.
8 " - أما سارج الدين البلقيني
723 - 805- رحمه الله: فهو مفخرة القرن التاسع في الجمع بين علوم التفسير والحديث والاصول والفقه، وله ترجمة حافلة رائعة في " لحظ الالحاظ " ص 206 - 217، ومن أخبار البرهان مع شيخه البلقيني: قول التقي ابن فهذ ص 212: " قال شيخنا الحافظ برهان الدين سبط ابن العجمي: كان فيه من قوة الحافظة وشدة الذكاء ما لم يشاهد في مثله، أخبرني في رحلتي الاولى إلى القاهرة بمدرسته أنه لما قدم شرف الدين ابن قاضي الجبل الحنبلي نزل في قصر بشتك، فدعاه شخص إلى الجيزة، فحضرت معه في جماعة من علماء القاهرة، منهم بدر الدين الزركشي، وابن العنبري، والطنبذي، فلما صليت العشاء قال لي شرف الدين ابن قاضي الجبل: يا سراج الدين أينا أحفظ، أنا أم أنت؟ فقلت له: سبحان الله، أنتم كذا وكذا، أتواضع له.
فقال: أستحضر أنا أو أنت؟ فقلت له: إن أنا استحضرت شيئا - يعني حديثا - تذكر له طرقه، وكذا بالعكس، لكن اذكر أنت على حدة وأنا كذلك، فقال ابن قاضي الجبل: اذكر أنت.
فاخذت أذكر أحاديث معللة من أول أبوب الفقه، ولا زلت أذكر إلى أن طلع الفجر، وقد وصلتإلى كتاب النكاح، فقام ابن قاضي الجبل وقبل بين عني وقال: يا سراج الدين ما رأيت بعد الشيخ - يعني شيخ الاسلام تقي الدين ابن تيمية - أحفظ منك ".
ومما سمعه البرهان على البلقيني: " سنن الدارقطني " أو " سنن ابن ماجه " - الشك من تقي الدين ابن فهد - وجرى له طريفة في أثناء السماع، حكاها ابن فهد عن البرهان، قال: " لما كنا نمع عليه بالقاهرة " سنن الدارقطني " أو " سنن ابن ماجه " - الشك مني - سألني شخص بحضوره عن حديث مر في القراءة: أهذا صحيح أم لا؟ فقلت للقارئ: اذكر السند، فذكره، فإذا فيه عطية العوفي، فقلتله: اتفقوا على تضعيف هذا، فقال الشيخ: ليس كذلك، فذكرت أنا قول الذهبي فيه
1) ، فقال الشيخ: قد حسن له الترمذي حديثا، فقلت له: أين؟ فقال: بعد
بياض في المطبوع- في حديث: " يا علي لا يحل لاحد يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك "
2- ثم قام من المجلس فجاء ب " مختصر المنذري لسنن أبي داود " فكشف منه شيئا، ثم قال: أنا أحفظ هذا الكتاب ".
ثم نقل ابن فهد عن البرهان قوله: " اجتمعت به في رحلتي الاولى إلى القاهرة في سنة ثمانين، فرأيته إماما لا يجارى، أكثر الناس استحضارا لكل ما يلقي من العلوم، وقد حضرت عنده عدة دروس مع جماعة من أرباب المذاهب، فيتكلم على الحديث الواحد من بعد طلوع الشمس، وربما أذن الظهر في الغالب وهو لم يفرغ من الكلام عليه، ويفيد فوائد جليلة لارباب كل مذهب، خصوصا المالكية، وكان بعض فضلائه يقرأ عليه في " مختصر مسلم " للقرطبي، وممن كان يحضر عنده الامام نور الدين ابن الجلال، وكان أفقه أهل