حفاة صموت أجمعون بالذلة والمسكنة والمخافة والرهبة، فلا تسمع إلا همس أقدامهم والصوت لمدة المنادي، والخلائق مقبلون نحوه، وأنت فيهم مقبل نحو الصوت، ساعٍ بالخشوع والذلة، حتى إذا وافيت الموقف ازدحمت الأمم كلها من الجن والإنس عراة حفاة، قد نزع الملك من ملوك الأرض، ولزمتهم الذلة والصغار، فهم أذل أهل الجمع وأصغرهم خلقة وقدراً بعد عتوهم وتجبرهم على عباد الله عز وجل في أرضه.

ثم أقبلت الوحوش من البراري وذرى الجبال منكسة رؤوسها لذل يوم القيامة بعد توحشها وانفرادها من الخلائق ذليلة ليوم النشور لغير بلية نابتها ولا خطيئة أصابتها، فتوهم إقبالها بذلها في اليوم العظيم ليوم العرض والنشور.

وأقبلت السباع بعد ضراوتها وشهامتها منكّسة رؤوسها ذليلة ليوم القيامة حتى وقفت من وراء الخلائق بالذل والمسكنة والانكسار للملك الجبار، وأقبلت الشياطين بعد عتوها وتمردها خاشعة لذل العرض على الله سبحانه فسبحان الذي جمعهم بعد طول البلاء، واختلاف خلقهم وطبائعهم وتوحش بعضهم من بعض، قد أذلهم البعث وجمع بينهم النشور.

حتى إذا تكاملت عدة أهل الأرض من إنسها وجنها وشياطينها ووحوشها وسباعها وأنعامها وهوامها، واستووا جميعاً في موقف العرض والحساب تناثرت نجوم السماء من فوقهم، وطمست الشمس والقمر، وأظلمت الأرض بخمود سراجها وإطفاء نورها. فبينما أنت والخلائق على ذلك إذ صارت السماء الدنيا من فوقهم، فدارت بعظمها من فوق رؤوسهم، وذلك بعينك تنظر إلى هول ذلك، ثم انشقت بغلظها خمسمائة عام، فيا هول صوت انشقاقها في سمعك، ثم تمزقت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015