الشغل بأنفسهم. والعشار: الإبل الحوامل، واحدها عشر، وهي التي أتى عليها في الحمل عشرة أشهر، ثم لا يزال ذلك اسمها حتى تضع، وبعدما تضع، وإنما خص العشار بالذكر، لأنها أعز ما يكون على العرب، فأخبر أنها تعطل يوم القيامة. ومعناه أنهم إذا قاموا من قبورهم، وشاهد بعضهم بعضاً ورأوا الوحوش والدواب محشورة، وفيها عشارهم التي كانت أنفس أموالهم، لم يعبؤوا بها، ولم يهمهم أمرها، ويحتمل تعطل العشار إبطال الله تعالى أملاك الناس عما كان ملَّكهم إياها في الدنيا، وأهل العشار يرونها، فلا يجدون إليها سبيلاً. وقيل: العشار: السحاب، يعطل مما يكون فيه، وهو الماء، فلا يمطر. وقيل: العشار الديار، تعطل فلا تسكن. وقيل: الأرض التي يعشر زرعها تعطل فلا تزرع، والقول الأول أشهر وعليه من الناس الأكثر.
وقوله: (وإذا الوحوش حشرت) [التكوير: 5] أي: جمعت، والحشر الجمع، وقد تقدم.
وقوله (وإذا البحار سجرت) [التكوير: 6] أي: أوقدت، وصارت ناراً. رواه الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنه. وقال قتادة: غار ماؤها، فذهب. وقال الحسن والضحاك: فاضت. قال ابن أبي زمنين: سجرت حقيقته ملئت، فيفضي بعضها إلى بعض، فتصير شيئاً واحداً. وهو معنى قول الحسن. ويقال: إن الشمس تلف، ثم تلقى في البحار، فمنها تحمى، وتنقلب ناراً. قال الحليمي: ويحتمل إن كان هذا هكذا أن البحار في قول من فسر التسجير بالامتلاء هو أن النار حينئذ تكون أكثرها، لأن الشمس أعظم من الأرض مرات كثيرة، فإذا كورت، وألقيت في البحر، فصارت ناراً، ازدادت امتلاءً.