نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ - وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً - فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ) [الحاقة: 13-15] ، (كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا) [الفجر: 21] ، وعند ذلك تتحول هذه الجبال الصلبة القاسية إلى رمل ناعم، كما قال تعالى: (يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَّهِيلًا) [المزمل: 14] ، أي تصبح ككثبان الرمل بعد أن كانت حجارة صماء، والرمل المهيل: هو الذي إذا أخذت منه شيئاً تبعك ما بعده، يقال: أهلت الرمل أهيله هيلاً، إذا حركت أسفله حتى انهال من أعلاه.
وأخبر في موضع آخر أن الجبال تصبح كالعهن، والعهن هو الصوف، كما قال تعالى: (وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ) [المعارج: 9] ، وفي نص آخر مثلّها بالصوف المنفوش: (وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ) [القارعة: 5] .
ثم إن الحق تبارك وتعالى يزيل هذه الجبال عن مواضعها، ويسوّي الأرض حتى لا يكون فيها موضع مرتفع، ولا منخفض، وعبّر القرآن عن إزالة الجبال بتسييرها مرة، وبنسفها أخرى (وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ) [التكوير: 3] ، (وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا) [النبأ: 20] . وقال في نَسْفِه لها: (وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ) [المرسلات: 10] . ثم بين الحق حال الأرض بعد تسيير الجبال ونسفها (وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً) [الكهف: 47] ، أي ظاهرة لا ارتفاع فيها ولا انخفاض، كما قال تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا - فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا - لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا) [طه: 105-107] .