السماء، فتنبت منه أجساد العباد، ففي صحيح مسلم عن عبد الله ابن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثم ينفخ في الصور، فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتاً ورفع ليتاً ".
قال: وأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله، قال: فيصعق، ويصعق الناس. ثم يرسل الله - أو قال: ينزل الله - مطراً كأنه الطَّل أو الظِّلُّ، (نعمان أحد رواة الحديث هو الشاك) فتنبت منه أجساد الناس، ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون " (?) .
وإنبات الأجساد من التراب بعد إنزال الله ذلك الماء الذي ينبتها يماثل إنبات النبات من الأرض إذا نزل عليها الماء من السماء في الدنيا، ولذا فإن الله قد أكثر في كتابه من ضرب المثل للبعث والنشور بإحياء الأرض بالنبات غبَّ نزول الغيب، قال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [الأعراف: 57] . وقال في موضع آخر: (وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ) [فاطر: 9] .
ولاحظ في كلا الموضعين قوله: (كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى) ، (كَذَلِكَ النُّشُورُ) ، فإنهما يدلان على المماثلة والمشابهة بين إعادة الأجسام بإنباتها من التراب بعد إنزال الماء قبيل النفخ في الصور، وبين إنبات النبات بعد نزول الماء من السماء. ونحن نعلم أن النبات يتكون من بذور صغيرة، تكون في الأرض ساكنة