ونقل القرطبي عن الحليمي أنه أبى أن يكون المستثنون هم حملة العرش أو جبرائيل وميكائيل وملك الموت، أو الولدان والحور العين في الجنة، أو موسى، ثم بيَّن سر إنكاره لهذا فقال: " أما الأول، فإن حملة العرش ليسوا من سكان السماوات ولا الأرض، لأن العرش فوق السماوات كلها، فكيف يكون حملته في السماوات.
وأما جبرائيل وميكائيل وملك الموت فمن الصافين المسبحين حول العرش، وإذا كان العرش فوق السماوات، لم يكن الاصطفاف حوله في السماوات. وكذلك القول الثاني لأن الولدان والحور العين في الجنان، والجنان وإن كان بعضها أرفع من بعض، فإن جميعها فوق السماوات ودون العرش، وهي بانفرادها عالم مخلوق للبقاء، فلا شك أنها بمعزل عما خلق الله تعالى للفناء، وصَرْفُه إلى موسى لا وجه له، لأنه قد مات بالحقيقة، فلا يموت عند نفخ الصور ثانية " (?) .
ورد قول الذين قالوا المستثنون هم الأموات: " لأن الاستثناء إنما يكون لمن يمكن دخوله في الجملة، فأما من لا يمكن دخوله في الجملة فيها، فلا معنى لاستثنائه منها، والذين ماتوا قبل نفخ الصور ليسوا بفرض أن يصعقوا فلا وجه لاستثنائهم " (?) .
والذي اختاره أن الغشية التي تصيب موسى ليست هي الصعقة التي تهلك الناس وتميتهم، وإنما هي صعقة تصيب الناس في الموقف بعد البعث، على أحد الاحتمالين عنده.
ونقل القرطبي عن شيخه أحمد بن عمر أنه ذهب هذا المذهب، قال