القيامه الكبري (صفحة 218)

تصوير القرطبي لمشهد الحساب

قال القرطبي مصوراً مشهد الحساب: " فإذا بعث العباد من قبورهم إلى الموقف، وقاموا فيه ما شاء الله، حفاة عراة، وجاء وقت الحساب الذي يريد الله أن يحاسبهم فيه، أمر بالكتب التي كتبها الكرام الكاتبون بذكر أعمال الناس فأتوها، فمنهم من يؤتى كتابه بيمينه، فأولئك هم السعداء، ومنهم من يؤتى كتابه بشماله أو وراء ظهره، وهم الأشقياء، فعند ذلك يقرأ كل كتاب به، وأنشدوا:

مثل وقوفك يوم العرض عرياناً ××× مستوحشاً قلق الأحشاء حيرانا

والنار تلهَّب من غيظ ومن حنق ××× على العصاة ورب العرش غضبانا

اقرأ كتابك يا عبدي على مهل ××× فهل ترى فيه حرفاً غير ما كانا

لما قرأت ولم تنكر قراءته ××× إقرار من عرف الأشياء عرفانا

نادى الجليل خذوه يا ملائكتي ××× امضوا بعبد عصا للنار عطشانا

المشركون غداً في النار يلتهبوا ××× والمؤمنون بدار الخلد سكانا

فتوهم نفسك يا أخي إذا تطايرت الكتب، ونصبت الموازين، وقد نوديت باسمك على رؤوس الخلائق: أين فلان بن فلان؟ هلم إلى العرض على الله تعالى. وقد وكلت الملائكة بأخذك، فقربتك إلى الله، لا يمنعها اشتباه الأسماء باسمك واسم أبيك، إذ عرفت أنك المراد بالدعاء إذا قرع النداء قلبك، فعلمت أنك المطلوب، فارتعدت فرائصك، واضطربت جوارحك، وتغير لونك، وطار قلبك، تخطى بك الصفوف إلى ربك للعرض عليه، والوقوف بين يديه، وقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015