القيامه الكبري (صفحة 199)

وقوله: (شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ) ، هم الرسل، لأن كل أمة رسولها منها، كما قال تعالى: (لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ) [التوبة: 128] وقال تعالى: (وَنَزَعْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ) [القصص: 75] .

وكما يشهدون على أممهم بالبلاغ يشهدون عليهم بالتكذيب، (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ) [المائدة: 109] ، وقال: (فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ - فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ) [الأعراف: 6-7] .

قال ابن كثير في تفسير الآية الأولى: " هذا إخبار عما يخاطب الله به المرسلين يوم القيامة عما أجيبوا به من أممهم الذين أرسلوا إليهم، ... وقول الرسل: (لا علم لنا) قال مجاهد والحسن البصري والسدي: إنما قالوا ذلك من هول ذلك اليوم.. وقال ابن عباس: لا علم لنا إلا علم أنت أعلم به منا، رواه ابن جرير ثم اختاره، ولا شك أنه قول حسن، وهو من باب التأدب مع الله عز وجل، أي لا علم لنا بالنسبة إلى علمك المحيط بكل شيء، فنحن وإن كنا أجبنا وعرفنا ما أجبنا، ولكن منهم من كنا إنما نطلع على ظاهره لا علم لنا بباطنه، وأنت العليم بكل شيء، المطلع على كل شيء، فعلمنا بالنسبة إلى علمك كلا شيء " (?) .

ثم إن الأمم تكذب رسلها، وتقول كل أمة ما جاءنا من نذير، فتأتي هذه الأمة: أمة محمد صلى الله عليه وسلم وتشهد للرسل بالبلاغ، كما قال تعالى: (وَكَذَلِكَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015