كالبرق " الحديث، قال عياض: فبهذا يتصل الكلام، لأن الشفاعة التي لجأ إليه الناس فيها هي الإراحة من كرب الموقف، ثم تجيء الشفاعة في الإخراج، وقد وقع في حديث أبي هريرة.. الأمر باتباع كل أمة ما كانت تعبد، ثم تمييز المنافقين من المؤمنين، ثم حلول الشفاعة بعد وضع الصراط والمرور عليه، فكان الأمر باتباع كل أمة ما كانت تعبد هو أول فصل القضاء والإراحة من كرب الموقف، قال: وبهذا تجتمع متون الأحاديث، وتترتب معانيها " (?) .
وقد زاد الحافظ ابن حجر هذه المسألة إيضاحاً، وأورد النصوص الدالة على أن في بعض الأحاديث شيئاً من الاختصار فقال: " قلت: فكأن بعض الرواة حفظ ما لم يحفظ الآخر، وسيأتي بقيته في شرح حديث الباب الذي يليه وفيه " حتى يجيء الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفاً، وفي جانبي الصراط كلاليب مأمورة بأخذ من أمرت به، فمخدوش ناج ومكدوس في النار " فظهر منه أنه صلى الله عليه وسلم أول ما يشفع ليقضى بين الخلق، وأن الشفاعة فيمن يخرج من النار ممن سقط تقع بعد ذلك.
وقد وقع ذلك صريحاً في حديث ابن عمر اختصر في سياقه الحديث الذي ساقه أنس وأبو هريرة مطولاً. وقد تقدم في كتاب الزكاة من طريق حمزة بن عبد الله بن عمر عن أبيه بلفظ: " إن الشمس تدنو حتى يبلغ العرق نصف الأذن، فبينما هم كذلك استغاثوا بآدم، ثم بموسى، ثم بمحمد، فيشفع ليقضى بين الخلق، فيمشي حتى يأخذ بحلقة الباب، فيومئذ يبعثه الله مقاماً محموداً يحمده أهل الجمع كلهم ".
ووقع في حديث أبي بن كعب عند أبي يعلى " ثم أمتدحه بمدحة يرضى بها عني، ثم يؤذن لي في الكلام، ثم تمر أمتي على الصراط، وهو منصوب بين ظهراني جهنم فيمرون ".