عندما يشتد البلاء بالناس في الموقف العظيم ويطول بحث العباد عن أصحاب المنازل العالية ليشفوا لهم عند ربهم، كي يأتي ربنا لفصل الحساب وتخليص الناس من كربات الموقف وأهواله، فيطلبون من أبيهم آدم أن يقوم بهذه المهمة الكبيرة، ويذكِّرونه بفضله وإكرام الله له، فيأبى منها، ويحيلهم إلى نوح أول رسول أرسله الله إلى البشر، الذي سماه الله عبداً شكوراً، فيأبى ويذكر ما كان منه من تقصير في بعض الأمور تجاه ربه ومولاه. وهكذا يحيلهم إلى من بعده من أولي العزم من الرسل، والآخر يدفعها إلى من بعده، حتى يأتوا الرسول الخاتم: محمد صلى الله عليه وسلم، الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
فيقوم الرسول صلى الله عليه وسلم مقاماً يحمده عليه الأولون والآخرون، وتظهر به منزلته العظيمة، ودرجته العالية، فيستأذن على ربه فيأذن له، ويحمده ويمجِّده، ويسأله في أمته، فيستجيب له، ذلك أن الله أعطى كل نبي دعوة في أمته لا ترد، وقد استعجل كل نبي تلك الدعوة في الدنيا، واختبأ الرسول صلى الله عليه وسلم دعوته إلى ذلك الموقف الذي تحتاج فيه أمته إلى دعوته، فصلوات الله وسلامه عليه، فإنه بالمؤمنين رؤوف رحيم، كما وصفه ربه، وقد ثبت في صحيحي البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كل نبي يسأل سؤالاً أو قال: لكل نبي دعوة دعاها لأمته، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة " (?) .