وقياس الفراسة يكون إذا انعكس الحد الأوسط على الطرف الأكبر ولم ينعكس عليه الطرف الأصغر، لأنه متى كان الحد الأوسط غير منعكس على الأكبر لم تكن العلامة خاصة بذلك الأثر فلم تدل عليه. مثال ذلك أنه إن لم يكن صادقا قولنا إن كل عظيم الأطراف شجاع، لم ينتفع بذلك في بيان أن هذا الإنسان شجاع لأنه عظيم الأطراف. وذلك أنه إنما كان معنا أن الشجاع عظيم الأطراف وعظيم الأطراف هو الحد الأوسط والشجاع هو الطرف الأكبر، فمتى لم يصح عكس الطرف الأوسط- وهو العظيم الأطراف- على الأكبر- وهو الشجاع- لم يكن أن يبين منه أن زيدا هذا شجاع لأنه عظيم الأطراف، لأن هذا يبين بمقدمتين إحداهما أن زيدا هذا عظيم الأطراف وكل عظيم الأطراف شجاع فزيد هذا شجاع. وإنما كان من شرطه أن لا ينعكس الطرف الأصغر على الأوسط لأنه لو انعكس لكان كل عظيم الأطراف أسدا. وذلك أن هاهنا ثلاثة حدود الأسد والشجاع والعظيم الأطراف، والعظيم الأطراف هو الأوسط والأسد الأصغر والشجاع الأكبر. فلو صدق انعكاس الطرف الأصغر على الأوسط- وهو أن كل عظيم الأطراف أسد- لم يكن أن يوجد عظم الأطراف لغير الأسد، فلم يكن يمكن أن يبين بذلك في غير الأسد أنه شجاع كما أنه لو لم ينعكس الأوسط على الأكبر لم تكن عظم الأطراف علامة خاصية بالشجاعة.
وهنا انقضى تلخيص المعاني التي تضمنها هذا الكتاب.