وينزلون جَمِيع مَا يصدر عَنهُ منزلَة مَا يصدر عَن الْعَامَّة الَّذين لَيْسُوا بقضاة وَلَا مفتين فَجَمِيع مسجلاته الَّتِي يكْتب عَلَيْهَا اسْمه ويحلل فِيهَا الْحَرَام وَيحرم الْحَلَال بَاطِلَة لَا تعد شَيْئا بل لَو كَانَت مُوَافقَة للصَّوَاب لم تعد عِنْدهم شَيْئا لِأَنَّهَا صادرة من قَاض حكم بِالْحَقِّ وَهُوَ لَا يعلم بِهِ فَهُوَ من أهل النَّار فِي الْآخِرَة وَمِمَّنْ لَا يسْتَحق اسْم الْقُضَاة فِي الدُّنْيَا وَلَا يحل تَنْزِيله منزلَة الْقُضَاة الْمُجْتَهدين فِي شَيْء وَبعد هَذَا كُله فَهَذَا القَاضِي المشئوم يحْتَاج إِلَى مداهنة السُّلْطَان وأعوانه المقبولين لَدَيْهِ ويهين نَفسه لَهُم ويخضع لَهُم ويتردد إِلَى أَبْوَابهم ويتمرغ على عتابتهم وَإِذا لم يفعل ذَلِك على الدَّوَام والاستمرار ناكدوه مناكدة تحرج عذره وتوهن قدره وَمَعَ هَذَا فأعوانه الَّذين هم مستدرون لفوائده والمقتنصون للأموال على يَده وَإِن عظموه وفخموه وَقَامُوا بقيامه وقعدوا بقعوده أضرّ عَلَيْهِ من أعدائه لأَنهم يتكالبون على أَمْوَال النَّاس وَيتم لَهُم ذَلِك بِقُوَّة يَده وَلَا سِيمَا إِذا كَانَ مغفلا غير حَازِم وَلَا مطلع للأمور فتعظم الْمقَالة على القَاضِي وينسب دينهم إِلَيْهِ وَيحمل جَوْرهمْ عَلَيْهِ فَتَارَة ينْسب إِلَى التَّقْصِير فِي الْبَحْث وَتارَة إِلَى التغفيل وَعدم التيقظ وَتارَة إِلَى أَن مَا أَخذه الأعوان فَلهُ فيهم مَنْفَعَة تعود إِلَيْهِ وَلَوْلَا ذَلِك لم يُطلق لَهُم الرسن ولأخلي بَينهم وَبَين النَّاس وَأَيْضًا أعظم من