عَنْك بِمَا علمك هَذِه الظلمَة فَإنَّك إِذا رفعت نَفسك إِلَى الِاجْتِهَاد الْأَكْبَر فالمسافة قريبَة وَمن قدر على الْبَعْض قدر على الْكل وَمن عرف الْحق فِي المدارك الْأُصُولِيَّة عرفه فِي الْمسَائِل الفروعية وستعرف بعد أَن تعرف عُلُوم الِاجْتِهَاد كَمَا يَنْبَغِي بطلَان مَا تظنه الْآن من جَوَاز التَّقْلِيد وَمن تبعض الِاجْتِهَاد بل لَو طرحت عَنْك العصبية وجردت نَفسك لفهم مَا حررته لَك فِي هَذِه الورقات من أَوله إِلَى آخِره لقادك عقلك وفهمك إِلَى أَنه الصَّوَاب قبل أَن تجمع معارف الِاجْتِهَاد فالفهم قد تفضل الله بِهِ على غَالب عباده وَالْحق لَا يحتجب عَن أهل التَّوْفِيق والإنصاف شَاهد صدق على وجدان الْحق وَلِهَذَا قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعلم النَّاس أبصرهم بِالْحَقِّ إِذا اخْتلف النَّاس وَهُوَ حَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَصَححهُ وَأخرجه أَيْضا غَيره فَإِن طَال بك اللجاج وسلكت من جهالتك فِي فجاج وتوقحت غيرمحتشم وأقدمت غير محجم فَقلت أَن مَسْأَلَة جَوَاز التَّقْلِيد هِيَ وَأَن كَانَت مَسْأَلَة أصولية وَقد أطبق النَّاس على أَنه لَا يجوز التَّقْلِيد فِي مسَائِل الْأُصُول وَصَارَ هَذَا مَعْرُوفا عِنْد أبنائي جنس من المقلدين لكني أَقُول بِأَن التَّقْلِيد فِيهَا وَفِي سَائِر مسَائِل الْأُصُول جَائِز
فَنَقُول وَمن أَيْن عرفت جَوَاز التَّقْلِيد فِي مسَائِل الْأُصُول هَل كَانَ هَذَا مِنْك تقليدا أَو اجْتِهَادًا فَإِن قلت تقليدا