أتنقطع فِيهَا أَعْنَاق الْإِبِل بل لَا جَامع بَينهمَا أَن من تمسك بِالدَّلِيلِ أَخذ بِمَا أوجب الله عَلَيْهِ الْأَخْذ بِهِ وَاتبع مَا شَرعه الشَّارِع بِجمع الْأمة أَولهَا وَآخِرهَا وحيها وميتها وَأَخذهم هَذَا الْعَالم الَّذِي تمسك الْمُقَلّد لَهُ بمحض رَأْيه هُوَ مَحْكُوم عَلَيْهِ بالشريعة لَا أَنه حَاكم فِيهَا وَهُوَ تَابع لَهَا لَا متبوع فِيهَا فَهُوَ كمن اتبعهُ فِي أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا فَرْضه الْأَخْذ بِمَا جَاءَ عَن الشَّارِع لَا فرق بَينهمَا إِلَّا من كَون الْمَتْبُوع عَالما وَالتَّابِع جَاهِلا فالعالم يُمكنهُ الْوُقُوف على الدَّلِيل من دون أَن يرجع إِلَى غَيره لِأَنَّهُ قد استعد لذَلِك بِمَا اشْتغل بِهِ من الطّلب وَالْوُقُوف بَين يَدي أهل الْعلم والتحرج لَهُم فِي معارف الِاجْتِهَاد وَالْجَاهِل يُمكنهُ الْوُقُوف على الدَّلِيل بسؤال عُلَمَاء الشَّرِيعَة على طَريقَة طلب الدَّلِيل واسترواء النَّص وَكَيف حكم بِهِ فِي مُحكم كتاب الله أَو على لِسَان رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَة فيفيدونه النَّص أَن كَانَ مِمَّن يعقل الْحجَّة إِذا دلّ عَلَيْهَا أَو يفيدونه مَضْمُون النَّص بالتعبير عَنهُ بِعِبَارَة يفهمها فهم رُوَاة وَهُوَ مسترو وَهَذَا عَامل بالرواية لَا بِالرَّأْيِ والمقلد عَامل بِالرَّأْيِ لَا بالرواية لِأَنَّهُ يقبل قَول الْغَيْر من دون أَن يُطَالِبهُ بِحجَّة وَذَلِكَ هُوَ فِي سُؤَاله لَهُ مطَالب بِالْحجَّةِ لَا بِالرَّأْيِ فَهُوَ قبل رِوَايَة الْغَيْر لَا رَأْيه وهما من هَذِه الْحَيْثِيَّة