وَانْقطع التفضل من الله بِهِ على عباده ولقنوا الْعَوام الَّذين هم مشاركون لَهُم فِي الْجَهْل بالمعارف العلمية ودونوا لَهُم فِي معرفَة مسَائِل التَّقْلِيد بِأَنَّهُ لَا اجْتِهَاد بعد اسْتِقْرَار الْمذَاهب وانقراض أئمتها فضموا إِلَى بدعتهم بِدعَة وشنعوا شنعتهم بشنعة وسجلوا على أنفسهم الْجَهْل فَإِن من يتجارى على مثل هَذِه الْمقَالة وَحكم على الله سُبْحَانَهُ بِمثل هَذَا الحكم المتضمن تعجيزه عَن التفضل على عباده بِمَا أرشدهم إِلَيْهِ من تعلم الْعلم وتعليمه لَا يعجز عَن التجارؤ على أَن يحكم على عباده بِالْأَحْكَامِ الْبَاطِلَة ويجازف فِي إِيرَاده وإصداره وَيَا لله الْعجب مَا قنع هَؤُلَاءِ الجهلة الندكاء بِمَا هم عَلَيْهِ من بِدعَة التَّقْلِيد الَّتِي هِيَ أم الْبدع وَرَأس الشنع حَتَّى سدوا على أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَاب معرفَة الشَّرِيعَة من كتاب الله وَسنة رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنه لَا سَبِيل إِلَى ذَلِك وَلَا طَرِيق حَتَّى كَأَن الأفهام البشرية قد تَغَيَّرت والعقول الإنسانية قد ذهبت وكل هَذَا حرص مِنْهُم على أَن تعم بِدعَة التَّقْلِيد كل الْأمة وَأَن لَا يرْتَفع عَن طبقتهم السافلة أحد من عباد الله وَكَأن هَذِه الشَّرِيعَة الَّتِي بَين أظهرنَا من كتاب الله وَسنة رَسُوله قد صَارَت مَنْسُوخَة والناسخ لَهَا مَا ابتدعوه من التَّقْلِيد فِي دين الله فَلَا يعْمل النَّاس بِشَيْء مِمَّا فِي الْكتاب وَالسّنة بل لَا شَرِيعَة لَهُم إِلَّا مَا قدرته فِي الْمذَاهب أذهبها الله فَإِن يُوَافِقهَا مَا فِي الْكتاب وَالسّنة فبها ونعمت وَالْعَمَل على الْمذَاهب لَا على مَا وافقها