المشتغلين بعلوم الِاجْتِهَاد فَلم نجد فيهم وَاحِدًا مِنْهُم يَقُول أَن التَّقْلِيد صَوَاب وَمِنْهُم من صرح بانكار التَّقْلِيد من أَصله وَإِن كَانَ فِي كثير من الْمسَائِل الَّتِي يعتقدها المقلدون فَوَقع بَينه وَبَين أهل عصره قلاقل وزلازل ونالهم من الامتحان مَا فِيهِ توفير أُجُورهم وَهَكَذَا حَال أهل سَائِر الديار فِي جَمِيع الاعصار
وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا أَمر يُشَاهِدهُ كل أحد فِي زَمَنه فَإنَّا لم نسْمع بِأَن أهل مَدِينَة من الْمَدَائِن الإسلامية أَجمعُوا أَمرهم على ترك التَّقْلِيد وإتباع الْكتاب وَالسّنة لَا فِي هَذَا الْعَصْر وَلَا فِيمَا تقدمه من العصور بعد ظُهُور الْمذَاهب بل أهل الْبِلَاد الإسلامية أجمع أَكْتَع مطبقون على التَّقْلِيد وَمن كَانَ مِنْهُم منتسبا إِلَى الْعلم فَهُوَ إِمَّا أَن يكون غلب عَلَيْهِ معرفَة مَا هُوَ مقلد فِيهِ وَهَذَا عِنْد أهل التَّحْقِيق لَيْسَ من أهل الْعلم وَإِمَّا أَن يكون قد اشْتغل بِبَعْض عُلُوم الِاجْتِهَاد وَلم يتأهل للنَّظَر فَوقف تَحت ربقة التَّقْلِيد ضَرُورَة لَا اخْتِيَارا وَإِمَّا أَن يكون عَالما مبرزا جَامعا لعلوم الِاجْتِهَاد فَهَذَا الَّذِي يجب عَلَيْهِ أَن يتَكَلَّم بِالْحَقِّ وَلَا يخَاف فِي الله لومة لائم إِلَّا لمسوغ شَرْعِي وَأما من لم يكن منتسبا إِلَى الْعلم فَهُوَ إِمَّا عَامي صرف لَا يعرف التَّقْلِيد وَلَا