الدَّلِيل وَإِن قَالَ قلدته لِأَنَّهُ أعلم مني قيل لَهُ فقلدت كل من هُوَ أعلم مِنْك فَإنَّك تَجِد من ذَلِك خلقا كثيرا وَلَا تخص من قلدته إِذْ علمك فِيهِ أَنه أعلم مِنْك فَإِن قَالَ قلدته لِأَنَّهُ أعلم النَّاس قيل لَهُ فَهُوَ إِذا أعلم من الصَّحَابَة وَكفى بقوله مثل هَذَا قبحا اه مَا أردْت نَقله من كَلَامه وَهُوَ طَوِيل وَقد حكى فِي أَدِلَّة الْإِجْمَاع على فَسَاد التَّقْلِيد فَدخل فِيهِ الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة دُخُولا أوليا
وَحكى ابْن الْقيم عَن أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف أَنَّهُمَا قَالَا لَا يحل لأحد أَن يَقُول بقولنَا حَتَّى يعلم من أَيْن قُلْنَاهُ وَهَذَا هُوَ تَصْرِيح بِمَنْع التَّقْلِيد لِأَن من علم بِالدَّلِيلِ فَهُوَ مُجْتَهد مطَالب بِالْحجَّةِ لَا مقلد فَإِنَّهُ الَّذِي يقبل القَوْل وَلَا يُطَالب بِحجَّة وَحكى ابْن عبد الْبر أَيْضا عَن معن بن عِيسَى بِإِسْنَاد مُتَّصِل بِهِ قَالَ سَمِعت مَالِكًا يَقُول إِنَّمَا أَنا بشر أخطئ وَأُصِيب فانظروا فِي رَأْيِي فَكل مَا وَافق الْكتاب وَالسّنة فَخُذُوهُ وكل مَا لم يُوَافق الْكتاب وَالسّنة فاتركوه
وَلَا يخفى عَلَيْك أَن هَذَا تَصْرِيح مِنْهُ بِالْمَنْعِ من تَقْلِيده لِأَن الْعَمَل بِمَا وَافق الْكتاب وَالسّنة من كَلَامه هُوَ عمل بِالْكتاب وَالسّنة وَلَيْسَ بمنسوب إِلَيْهِ وَقد أَمر أَتْبَاعه بترك مَا كَانَ من رَأْيه غير مُوَافق للْكتاب وَالسّنة وَقَالَ سَنَد بن عنان الْمَالِكِي فِي شَرحه على مدونة سَحْنُون