الشَّاهِد وتعديل وجرح الْجَارِح وَلَا يخفى عَلَيْك أَن هَذَا لَيْسَ من التَّقْلِيد فِي شَيْء بل هُوَ من قبُول الرِّوَايَة لَا من قبُول الرَّأْي إِذْ قبُول الرَّاوِي للدليل والمخبر بِدُخُول الْوَقْت وبالطهارة وبالقبلة وَالشَّاهِد والجارح والمزكي هُوَ من قبُول الرِّوَايَة إِذْ الرَّاوِي إِنَّمَا أخبر المروى لَهُ بِالدَّلِيلِ الَّذِي رَوَاهُ وَلم يُخبرهُ بِمَا يرَاهُ من الرَّأْي وَكَذَلِكَ الْمخبر بِدُخُول الْوَقْت إِنَّمَا أخبر بِأَنَّهُ شَاهد عَلامَة من عَلَامَات الْوَقْت وَلم يخبر بِأَنَّهُ قد دخل الْوَقْت بِرَأْيهِ وَكَذَلِكَ الْمخبر بِالطَّهَارَةِ فَإِن الْمَرْأَة مثلا أخْبرت أَنَّهَا قد شاهدت عَلامَة الطُّهْر من الْقِصَّة الْبَيْضَاء وَنَحْوهَا وَلم تخبر بِأَن ذَلِك رَأْي رَأَتْهُ وَهَكَذَا الْمخبر بالقبلة أخبر أَن جِهَتهَا أَو عينهَا هَهُنَا حَيْثُمَا تَقْتَضِيه الْمُشَاهدَة بالحاسة وَلم يخبر عَن رَأْيه وَهَكَذَا الشَّاهِد فَإِنَّهُ أخبر عَن أَمر يُعلمهُ بِأحد الْحَواس وَلم يخبر عَن رَأْيه فِي ذَلِك الْأَمر وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا أوضح من أَن يخفى وَالْفرق بَين الرِّوَايَة والرأي أبين من الشَّمْس وَمن الْتبس عَلَيْهِ الْفرق بَينهمَا فَلَا يشغل نَفسه بالمعارف العلمية فَإِنَّهُ بهيمي الْفَهم وَإِن كَانَ فِي مسلاخ إِنْسَان
قَالَ ابْن حزيز منداد الْبَصْرِيّ الْمَالِكِي التَّقْلِيد مَعْنَاهُ فِي الشَّرْع الرُّجُوع الى قَول لَا حجَّة لقائله عَلَيْهِ وَذَلِكَ مَمْنُوع مِنْهُ فِي الشَّرِيعَة والإتباع مَا ثَبت عَلَيْهِ الْحجَّة إِلَى أَن قَالَ والإتباع فِي الدّين متبوع والتقليد مَمْنُوع وَسَيَأْتِي