فهم يقرون بأن الله هو الذي يدبر الأمر، وهو الذي بيده ملكوت السماوات والأرض.
ولم ينكره أحد معلوم من بني آدم، فلم يقل أحد من المخلوقين: إن للعالم خالقين متساويين. فلم يجحد أحد توحيد الربوبية، لا على سبيل التعطيل ولا على سبيل التشريك، إلا ما حصل من فرعون; فإنه أنكره على سبيل التعطيل مكابرة، فإنه عطل الله من ربوبيته وأنكر وجوده، قال تعالى حكاية عنه: {فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى} [النازعات:24] ، {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} [القصص: من الآية38] .
وهذا مكابرة منه لأنه يعلم أن الرب غيره، كما قال تعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً} [النمل: من الآية14] وقال تعالى حكاية عن موسى وهو يناظره: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلاءِ إِلاَّ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [الاسراء: من الآية102] فهو في نفسه مقر بأن الرب هو الله- عز وجل-.
وأنكر توحيد الربوبية على سبيل التشريك المجوس، حيث قالوا: إن للعالم خالقين هما الظلمة والنور، ومع ذلك لم يجعلوا هذين الخالقين متساويين.