وللقصري (?) -رحمه الله- معنى لطيف وتعبير رائق عن المعروف، كتبه بقلم الحكيم العارف، فقال رحمه الله تعالى: (المنكر والمعروف ضدان، كالليل والنهار، إذا ظهر هذا غاب هذا، وفي ذلك حكمة عظيمة لمن تفطن لها، فإن المعروف مأخوذ من (العُرف) الذي هو: العادة التي عرفها الناس، والمنكر: هو الذي أنكرته العقول والقلوب عند رؤيته، فالمنكر لا أصل له فإنه مجهول ومنكور في أصل الخلقة.

فإن المعروف الحقَّ الذي لم يزل ولا يزال: هو اللهُ. ومخلوقاتُه في الملك والملكوت والعرش والجبروت لم تعرفْ إلَّا إيَّاه ربًّا، ولم تعرفْ طاعةً إلَّا طاعته، فكان التعبد له والقيام بحقه هو المعروف فقط.

فلما خُلق آدم - عليه السلام - وخلق إبليس وذريتهما وحدثت المعاصي عند الثقلين، صار العصيان منكرًا، أي: أنكره العقل؛ لأنه لم يألفه ولم يعهده، وليس له أصل في العرف المتقدِّم.

ولهذا .. إذا كان المنكر مخفيًّا غير ظاهر لا يضر غير صاحبه الذي ظهر على قلبه وجوارحه فقط؛ لأنه شبيه بأصله لم يعرفه أحد، فإذا ظهر وفشى: وجب تغييره وردّه إلى أصله بإنكار النفس واللسان واليد، حتى لا يبقى إلَّا المعروف الذي لم يزل معروفًا قديمًا وحديثًا). انتهى (?).

هذا نزر من معاني المعروف ومدلولات هذه الكلمة الحاوية لأصناف وأنواع البر والخير والإِحسان، ومن أراد التوسع فعليه بمعاجم اللغة وقواميسها يجد فيها الكثير والكثير.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015