"ياسين والقرآن"، و "قاف والقرآن". فمن قال هذا فكأنّه جعله اسما أعجميّاً، ثم قال: أذكر ياسين. وأمّا صاد فلا تحتاج إلى أن تجعله اسماً أعجميّاً، لأنَّ هذا البناء والوزن من كلامهم، ولكنَّه يجوز أن يكون اسماً للسُّورة فلا تصرفه ... وأما كهيعص والمر فلا يكنَّ إلاَّ حكاية ... ولا يجوز أن تصل خمسة أحرف فتجعلهنّ اسماً واحداً." (?)
وعليه فالسؤال هنا: هل في آيات القرآن اسم أعجمي ومبهم من خمس مقاطع! والله يقول {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ}؟ والجواب هو لا، وأنّ هذا القول ساقط ولا حجة فيه، قال الأخفش: "لأنّ {الم} و {طسم} و {كهيعص} ليست مثل شيء من الأسماء، وإنما هي حروف مقطّعة." (?) وإن سمّى الصحابة بعض السور من ذوات الحرف الواحد (ص، ق) أو ذوات الحرفين (يس، طه) ولم يسموا طس وهي في حكمها فعلى إجماعهم، قال الفرّاء: "ولا يجوز ذلك فيما زاد على هذه الأحرف مثل "طا سين ميم" لأنها لا تشبه الأسماء، و"طس" تشبه قابيل. ولا يجوز ذلك في شيء من القرآن مثل "الم" و "المر" ونحوهما." (?)
الثاني: ما عليه الجمهور وما قاله أهل العربية من النحويين، وما اجتمعت عليه أقوال التابعين والمحققين وأهل النحو وأهل البلاغة وعلماء اللغة، كتفسير لها قبل ذكر الحكمة من ورودها أو تأويلها، بأنها تدل على معناها بذاتها، وهو الظاهر منها "فجمهور المفسرين على أنها حروف مركبة ومفردة" (?)، وإن كانت في سياق القسم كانت مقسماً به لإعلاء شأنها (?)، قال الأخفش: "إنما أقسم الله بهذه الحروف لشرفها وفضلها لأنها مبادئ كتبه المنزلة، ومباني أسمائه الحسنى" (?)، وهذا ما أطبق عليه القاصي والداني بأنها حروف مقطّعه كما دلت على ذاتها، وهو الظاهر من حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف) (?) "وقال بعضهم: كونها أسماء الحروف المقطّعة أقرب إلى التحقيق لظهوره وعدم التجوز فيه وسلامته مما يرد على غيره" (?)، وإن قلنا بأن عليه الإجماع لكنا على صواب، لأن القائلين بأنها أسماء للسور وغيرهم، لم يقولوا فيها إلا بعد تيقنهم بأن هذا تفسير تلك الحروف المقطّعة في فواتح السور، لأنه الظاهر الأول بفهمهم، وهذا ما عليه المسلمين بجميع طوائفهم واختلاف نطقهم على مر