يا إنسان بالحبشية، (?) و (طه) يا رجل بالنبطية، (?) أو بالسريانية، (?) فهذه آثار موضوعة وهالكة، وابن عباس بريء منها، وإن كانت من أقوال قتادة وعكرمة وسعيد بن جبير والضحاك، وهو قول مرجوح، والوجه الصحيح من هذا الرأي بعيد عن التفسير، وسآتي على تفصيله لاحقاً، ومن هؤلاء أيضاً من لم يسمع من ابن عباس أصلاً، وذاع صيته فنسبت أقواله لابن عباس.

وعليه فالقاعدة هنا، حدّث المفسرون عن القرون الفضلى ولا حرج عليهم، فالحجة ليست فيما نقلوه لأن المفسرين "قد احتجوا في التفسير بقوم لم يحتجوا بهم في مسند الأحاديث المتعلقة بالأحكام وذلك لسوء حفظهم الحديث وشغلهم بالتفسير" (?)، والحجة في صريح القرآن وما صح من السنة فيما نقلوه، وكلٌّ يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والتأويل لا يصح إلا ضمن الضوابط المنصوص عليها في أصول التفسير، وأهمها ألّا يضرب التأويل كلام الله بعضه ببعض، أو بكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وأن يوافق ما بيّنه لنا أهل العربية من أصول، وألّا يخالف ما هو حقيقة دل عليها العقل بما لا يترك مجالاً للشك لقوله تعالى (أفلا تعقلون)، وألّا نحمل كلمات الله على شيء مظنون سواء في كتب المفسرين أو في أي علم من العلوم.

المسبب الثاني: وهو اقتصار علم أسباب النزول على الآثار والتساهل فيها، وما أورثه حصر هذا العلم في كتب عنيت بذكر أسباب النزول من بُعْدٍ عن تدبر القرآن، وقد اعتبرها بعض العلماء أقرب الطرق لفهم الآيات حتى قالوا فيها: "هي أوفى ما يجب الوقوف عليها، وأولى ما تصرف العناية إليها، لامتناع معرفة تفسير الآية وقصد سبيلها، دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها، ولا يحل القول في أسباب نزول الكتاب، إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل، ووقفوا على الأسباب، وبحثوا عن علمها وجدوا في الطلاب، وقد ورد الشرع بالوعيد للجاهل ذي العثار في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015