وليس بجمعها، إذ ليس في أي من الأقوال حجة قوية على استخلاص المقاصد وتفردها بما في الفواتح من حكمة، ولا تقوم إحداها إلا بعضد الأخرى أو ضدها، كما أن أقوال أهل العربية ليس في أي منها حجة، لمخالفة الحروف أصل المعروف من كلام العرب - وهم من أقر بهذا - وإن كانت هذه الفواتح كما نعلم من حروف العرب، وأهل العربية حجة في بيان أصول النحو والصرف والبلاغة وأصول البيان، لكنهم ليسوا بحجة في تأويل كلام الله إذا لم يوافقوا هذه الأصول. كيف لا وقد جاءت هذه الحروف بنظم لم يأت به أحد ولم يقله إلا الواحد الأحد، ولم يكن هذا النظم للمخالفة أو لإعجاز الناس عن فهمها، بل لأن فيها بَيَاناً لم ينسبه أحد لنفسه من قبل ومن بعد - كما سيظهر لنا إن شاء الله - أما غير هذه الأقوال فلا حجة فيه البتة لعدم ثبوت الدليل القاطع والفكرة الواضحة ممن يعتد بقوله.

الباب الثالث: حصر الأقوال فيما خص بعض الفواتح

أما الأقوال فيما خص بعض هذه الفواتح كقول ابن عباس -رضي الله عنه- عن (ن والقلم وما يسطرون): النون هي الدواة (?)، أو النون هو الحوت (?)، فهذه آثار ضعيفة وهالكة ولا حجة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015