يخلي مكان الإمامة للرسول -صلى الله عليه وسلم- وظن أنه يريد أن يخرج إلى الصلاة، وهمّ المسلمون أن يفتنوا بصلاتهم فرحًا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولكن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أشار إليهم بيده أن أتموا صلاتكم، ثم دخل إلى الحجرة وأرخى الستر على الباب1.
ثم بدأت اللحظات الأخيرة في حياة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- في هذه الساعة الفاصلة يغدو ويروح بفكره متنقلًا في أرجاء الماضي العظيم الذي انطوت أيامه، بما اشتملت عليه من جلائل الأعمال، فيراه بين يديه نورًا يضيء جنبات نفسه، ويكشف أيامه الحجب المغيبة والغيوب المحجوبة2، ويريه مقعده الخالد في جنة الخلد، فيتطلع ببصره إلى السماء ويقول: "بل الرفيق الأعلى من الجنة" 3.
وتتحدث السيدة عائشة -رضي الله عنها- عن هذه اللحظة التي التقى فيها الرسول -صلى الله عليه وسلم- بربه فتقول: وجدت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يثقل في حجري فذهبت أنظر في وجهه فإذا بصره قد شخص وهو يقول: "بل الرفيق الأعلى من الجنة". فقلت خيرت فاخترت والذي بعثك بالحق. وقبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين سحري4 ونحري.