مكة وألفان ممن أسلم من قريش1، وسار المسلمون وسط صهيل الخيل وبريق السيوف معجبين بكثرتهم، فخورين بقوتهم، حتى لقد تحدث بعضهم إلى بعض قائلين: لن نغلب اليوم من قلة، ونزلوا حنينًا قرب المساء على أبواب واديها.

وقبيل الفجر تحرك الجيش الإسلامي، ولم تكد الطلائع تتقدم إلى مدخل الوادي حتى خرج لهم الكمين وشدوا عليهم شدة رجل واحد وأمطروهم بوابل من النبال، وانقضوا على أولى صفوف المسلمين التي ارتجت لهذه المفاجأة العنيفة فلوت أعنة خيلها متقهقرة، واصطدمت في الظلام بما وراءها من صفوف المسلمين، ولجأ الكل إلى الفرار، وتحدث بعض من ضعاف الإيمان في شماتة قائلًا: لا تنتهي هزيمتهم دون البحر.

كان هذا والنبي -صلى الله عليه وسلم- ثابت في مكانه، ومعه جماعة من المهاجرين والأنصار منهم العباس بن عبد المطلب، وأبو بكر، وعمر، وأسامة بن زيد2، فأخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- ينادي في القوم بالثبات وهو راكب بغلته البيضاء يركضها نحو العدو وهو يقول: "أنا النبي لا كذب، أنا عبد المطلب".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015